بسم الله الرحمن الرحيم

خرجت من فصلي بعد أن رنّ الجرس، متجاهلة كلمات قد وجهتها إليّ معلمة فاشلة.

حيث أثار غضبها عدم مشاركتي لها في الدرس باعتباري إحدى المتفوقات، واصفةً إياي بالغرور

لأنها ظنّت أني تكبرت بعدم مشاركتي في تلك الحصة لأنني أحسب نفسي متفوقة وأن درجاتي تكفيني.

كان يشغل بالي في تلك الحصة أمر ما، لم أستطع وقتها أن أفعل شيئًا غير التفكير به.

خرجت أبحث عن تلك التي أحب أن أنادبها: ( معلمة)

لأراها أمامي، فابتسمت لي والشوق بادٍ على محياها، ومدت يدها مصافحةً، وضعت يدي في يدها بتعب.

فانتبهت لحزني الذي لا أكاد أخفيه، فكل ما رأيت في هذه الـ (المدرسة) غيرني ، فلم أعد (مريم) التي

اعتادوا على رؤيتها، أصبحوا يرون مريم أخرى. فقد أصبحت مريم السعيدة المبتسمة، حزينة مكتئبة.

عندما سألتني عن حالي، اكتفيت بالسكوت والبسمة على شفتيّ.

فسألتها إن كان بإمكانها أن تتولى تنظيم برنامج (الموهوبات)، فأخبرتني بأنها لا تستطيع.

عرفت بعدها أن هذه المدرسة، لا تريد منها فعل شيء، لا تحبها، وتحقد عليها لأنها إيجابية.

يعجبهم فقط من يقتنع بأخطائهم ويواريها، وأحيانًا يشجعهم.

حاولت أن أمنع دموعي من التساقط أمامها، متظاهرةً بالقوة، فغيَرت الموضوع لئلا تزعجني.

كم أنتِ رائعة يا (معلمة)، كم أشتاق إليكِ وإلى دروسك.

كم أشتاق لأن أراكِ فرحةً بنا وأنتِ تنمين إبداعنا، وفخرك بنا حين ترين إنتاجاتنا، لكن لا بأس، فليس بوسعي

فعل شيءٍ حيال هذا الأمر.

لكني خرجت من ذلك المكان: المدرسة) ولازال الأمر شاغلًا تفكيري، حيث بدأت صديقاتي الفضليات

بالتساؤل عن سبب حزني، مما دفع دموعي للانهمار، فغطيت وجهي، ومشيت وحيدة في طريقي.

ولم تتوقف دموعي عن التساقط بعد..

كنت أتصنع الثقة في مشيتي، لكن لست أنا من يثق بنفسه للأسف.

حتى إذا مررت من المدرسة الثانوية، التي هي أقل سوءًا من مدرستي بشيءٍ قليل.

فنادتني تلك الصديقة الرائعة.. لم أدرِ حينها هل أكمل طريقي وأتجاهل ذلك النداء؟

أم أجيبها وأريها دموعي وضعفي؟

كنت قد توقفت وأنا أفكر، لكن قالت لي نفسي أن أذهب وأشاركها حزني.

فاستجبت لما ملته عليّ نفسي، ولم أكد أصل إليها حتى عرفت أن خطبًا ما كان بي، وأنني كنت أبكي

عندما أدركت هذا، أحسست بضعف شديد، فزاد بكائي. أردت أن أحكي لها ما حصل ولكن لم تكن كلماتي مفهومة

لم أستطع أن أكون جملةً كاملةً حتى. كانت كل كلمة أقولها أخطئ في نطقها أو أنقص من حروفها.

فقمت بتوديعها لأن أباها رآها واقفة في الطريق وناداها.

فأكملت طريقي، ووصلت إلى بيتنا، حيث فتحت أمي لي الباب.

لم أكن قد كشفت وجهي بعد، فألقيت عليها السلام وتابعت طريقي نحو غرفتي ووجهي مغطىً .

كانت أختي الكبرى قد أحست بأن شيئًا ما قد عكر مزاجي، ولكنها تركتني حين أدركت أني كنت أبكي.

دخلت غرفتي أخرجت من حقيبتي دفتر مذكراتي المهجور، لأبدأ بالكتابة عليه مجددًا.

ودموعي تبلل أوراقه، فظللت أكتب، وأنا لا زلت بعباءتي، ويمدني جوالي بالضوء لأكتب، لأن أختي الأخرى

كانت نائمة.

فكان هذا مما كتبت:

"عندما تحس بأنه لا يوجد هناك من يستحق أن تبذل جهدك لأجله، أو عندما تكون في مدرسة تقتل فيك الإبداع

وتقفل في وجهك جميع الأبواب، مدرسةٌ .. تحب الفاشلين، تريد أن تبني جيلًا جاهلًا.

حتى وإن كان لديها بعضٌ من الأشخاص الإيجابيين، الرائعين، الذين يريدون أن يغيروا الخطأ إلى صواب،

ويريدون أن ينموا إبداع الطلبة. تقوم المدرسة بكبت كل طاقاتهم، وتمنعهم من كل شيء جيد يريدون القيام به

ماذا يجب عليّ أن أفعل حينها ؟

هل سأظل أحاول وينتهي بي الأمر بالبكاء، والإرهاق النفسي! كما يحدث دائمًا ؟.

ذلك لم يكن أبدًا واحدًا من الحلول.

سأحاول أن أبقى قوية، ولكن اليوم أُصبح ضعيفة ! .. لست أرضى بذلك بالطبع.

لا يهمني إن استمرت دموعي بالتساقط على ورقي،لأنني سأظل أحاول، أن أغيّر ما أراه خاطئًا.

مع أنه من أسوأ ما يكون هو أن تأتي واحدة من فاشلات المدرسة، أقصد معلماتها تطالبني بألا أبقى في حصتها

بوجهٍ حزين، وأن أكون بأقصى نشاطي، فكيف أكون على طبيعتي، وأنا منزعجة من طريقة تعليمك لنا، لكن

أنا لن أهتم بذلك أيضًا.

كذلك لن أهتم إن استمرت المعلمات في مقاطعتي، وفرض آرائهن عليّ، ورفع أصواتهن عندما أناقشهن في خطأٍ

من الأخطاء التي يقنعون أنفسهم بها، أو عندما لا يجدن ما يقلنه ردًا على وجهة نظري إذا كانت صحيحة، وكذلك

عدم الرد عليها بعقلانية.

ولن أضيع وقتي مرةً أخرى في أن أتمنى أن أكون ابنة الدكتور طارق السويدان.

أو أتمنى لو أنني كنت صبيًا ودرست في مدارس الفلاح،

لن أضيع وقتي في البكاء، وشد شعري، أو تمزيق كتبي التي تثير غضبي كثرتها وثقلها وقلة فائدتها.

لأن نفسي أرقى من أن أُعجب حتى بتلك التصرفات، كما أنّ لديّ طرقي في التنفيس عن هذا الغضب.

أيضًا لأنها ببساطة تعتبر تفاهات !!

ولأن الله قد قدّر لي أن أكون هنا في وسط هذه الشناعة، أفصد المدرسة الـ (.... )

أود بشدة أن أذكر اسم تلك المدرسة التي أبدًا لا أصدق بأنه يوجد في هذه الدنيا مدرسةُ هي أحط من

هذه قدرًا، وشأنًا، وتعليمًا، وتعاملًا، وتأديبًا و و و ... الخ.

لكن الآن سأقنع نفسي، وعما قريب سأؤمن بأن الله قدّر لي أن أدرس هاهنا حتى أن أكون إيجابية

وحتى أتصرف بحكمة، وحتى أنكر الخطأ، وأستقذره، وأضحك عليه، وفي النهاية ..

لأكون واحدةً ممن سيقومون بهذه الأمة من جديد .

والســـــــــــــــــلام ! ".

P.S:

نأسف بشدة على هذه الطريقة في الكتابة، فهي تحتوي على الشيء الهائل من الغضب..

لكن هي نوع من أنواع يومي تُنكَر للتنفيس عن غضبها، فضلًا وعوضًا عن البكاء الذي لا فائدة منه

"فالألـــم هو من يكتــــبــــ ".






Mariam Tunker

13 Dec 2009
بسم الله الرحمن الرحيم ..



ها أنا الآن، أحس بمرارة البكاء ، ولكن أتذكر تلك الكلمات: " الألم هو من يكتب يا صديقتي " .

أشكرك .. أشكرك كثيرًا على هذه الكلمات الرائعة .

والآن أنا متألمة، وسأكتب ..



كنت في مدرستي (الرائعة) ، رنّ ذلك الجرس المزعج معلنًا انتهاء حصةٍ وبدء أخرى.

تصفحت بسرعة جدول حصصي ، فإذا هي تلك الحصة المشؤومة.

صرخت بصوتٍ عالٍ:

"هيا يا فتيات، لا يحتاج أن أذكركن بما عليكن فعله".

رددن عليّ: "طبعًا مريم، لا يحتاج".

أقرّ بأننا كنّا نتصرف بلا تفكير، وبقلة عقل، وذلك لأننا لم ندرِ كيف نقابل تصرفاتها بغير هذا الأسلوب (للأسف.. كنا مخطئين!!)

على كل حال..بدأت الفتيات بتسميع النشيد الوطني، متمثلات بالتأثر باليوم الوطني، وهنّ في الحقيقة يستقبلون تلك (المعلمة)، فهاهي أميرة الاحتفال قد وصلت: (يا حيَا الله).

فتحت الباب بعصبية، أخذت تصرخ لدقائق.

ثم قالت: "دعوا الوطن لأهله، هم ينشدون له.. أنا أعرف جنسية كل واحدة منكن، فلا تتصنعن

الوطنية، وأنتن لستن من أهل هذا الوطن!!".

أحسست بقلبي يخفق بشدة بعد أن سمعت تلك الكلمات، فهذه لم تكن المرة الأولى التي تظهر فيها عنصريتها المقززة،

ولكن تفاجأت، لأني أنا السبب في تفوهها بتلك الكلمات، حيث أن ذلك لم يكن في الحسبان، ولكن كنت قد أدركت حينها كم كان تصرفي غبيًا.

فقاطع تفكيري تساؤل إحدانا:

"ماذا تعينين بكلامكِ يا معلمة !؟ ".(وقد أحسست بأنها لو لم تكن من الفئة المقصودة لما تكلمت.. وقد أكدت لي أفعالها بعد ذلك مصداقية الأمر).

ردت عليها قائلة: " أنا لا أقصدكِ أنتِ يا مايا، بل أقصد هؤلاء، قليلات الأدب!!"

وأصبحت الفتيات يبدين اشمئزازهنّ من عباراتها.

بينما كنت أنا أرتجف من شدة الخوف، فقد أنكرت فعلها، وكنت أريد أن أفعل شيء

ولكن كان في قلبي شيء من الخوف من الوقوع في المشاكل، وكان ذلك لأول مرة !

لم أستطع حينها تحديد مشاعري، فقلت لفتاةٍ كانت بجانبي :

" أهكذا كان يفعل رسول الله!؟ " وكنت أنوي بذلك أن تسمع تلك الـ (معلمة)، ولكن مع ذلك الشعور الرهيب عجزت حتى عن اختيار الكلمات المناسبة

فقد كنت أقصد معنىً بعيدًا جدًا بتلك العبارة، ولكن الغضب جعلني أقولها هكذا.

وحصل ما أردت، فجاءت تصرخ عليّ : "اصمتي!!" .

قلت: " أنا لم أحدثكِ أنتِ، أنا حدثت زميلتي!!" طبعًا كنت غير مهذبةٍ معها أبدًا حينما قلت تلك الكلمة، ولن أخفي أنني قلتها وأنا أرتجف من الخوف!

لم ترد عليّ بالتأكيد، حيث كانت مشغولةً بضرب تلك المسكينة.. بحجة أنها أجنبية!

كنت أشاهدها وهي تضربها بكل ما أوتيت من قوة، وأقول لنفسي: " لا بد من أن أفعل شيئًا ما!!"

اكتفت (بنت البلد) من ضرب تلك الأجنبية، وهمّت بشرح درسها.

فقمت أنا بإرسال رسائل لجميع الفتيات: "إياكن والمشاركة في الدرس!!"

وجلست أشاهد. لأرى من هي التي تجرؤ على المشاركة في درس هذه المعلمة.

هذه الأولى، وتلك الثانية، والثالثة، والرابعة !!

أهن راضيات بما قد رأين من شنيع صنعها ؟؟

ألا يهتممن بمشاعر تلك التي ضربتها هذه المعلمة قبل قليل؟؟

أم هن لا يكترثن لكرامتهن ؟؟ أعماهن حب الدرجات أم ماذا ؟؟

بعد خروجها من فصلي، جلست أفكر في الأمر. ماذا يجب عليّ أن أفعل ؟

ففكرت في أن أستشير بعض المعلمات في الأمر، لعلهن يساعدنني، ولكن عندما حاولت البحث عمن يقف في صفي من المعلمات

فلم أجد أحدًا أبدًا، فأصبت بالإحباط الشديد، ولم يرتح قلبي بعدها.

إلى أن أتت الفرصة (وقت الغداء) وقابلت صديقتي، حيث كانت ملامح وجهي تعبر عن استيائي، وإحباطي.

فلما سألتني صديقتي عما بي، لم أستطع إجابتها، بل اكتفيت بالبكاء على كتفها.

وقد كان البكاء مريحًا جدًا لي، أحسست بأني أخرجت ما كان بي من غضب.

حاولت بعدها، أن أقنعهن إقناعهنّ بعدم المشاركة، وتعاون معي الفصل كله ما عدا اثنتان

رأيت حينها أن الأمر غير مهمٍ على الإطلاق، غير أن ما حصل بعد ذلك هو أن أصبحت كل واحدة تخاف على نفسها

وتسحب كلامها، وتأييدها، لئلا تهبط درجاتها في المادة ، وحجج أخرى لا نهاية لها .



وبعدها تركت الأمور على حالها، بسبب ما رأيت من الفتيات من تراجع، ونفاق، وأشياءً أخرى لم أتوقعها، كان لها أثر على راحتي النفسية.


فعادت تكرر ما فعلته سابقًا ، لكن في فتاةٍ أخرى، وكان السبب في هذه المرة: هو

أن الفتاة عاندتها، حيث أكلت البسكويت حين أمرتها برميه في سلة المهملات، فانهالت عليها بالضرب.

تظاهر البعض بالاشمئزاز من فعلها مرة أخرى، فقلت أنا لإحداهن مازحةً :" فلتشاركن بعد هذا أيضًا" .

فردت عليّ بوقاحة رهيبة، قالت: "نعم سأشارك، وهل ستمنعينني إذا شاركت؟ لن تستطيعي منعي !! ".

بعد هذه الكلمات من تلك الفتاة، لم أرد عليها، ولكنها زادت هبوطً في نظري.

وحصل أن زارت فصلنا المعلمة ( ف )، وأرادت يومها أن تستفسر عن أحوالنا في مادة الجغرافيا، فقصصت عليها كل شيء، فانصدمت صدمةً كبيرة

ووضحت لنا مواضع أخطأنا فيها، أرادت منّا أن نناقشها فيما فعلت (وهذا ما قد حاولنا فعله ولكنها أعرضت عن الاستماع لنا).

فقالت بأنها سوف تتصرف، وتحاول أن تتحدث مع معلمتنا،ولكن اشترطت في المقابل على أن نعاهدها أن نحسن التصرف، وتم الاتفاق.

وفي الأسبوع التالي: جاءتنا معلمتنا (ف) القديمة لتدرسنا، ولكم يا أحبتي أن تتخيلوا كم كانت فرحتي مع أني توقعت ذلك. ولم نعد نرى المعلمة (ع) في المدرسة مرة أخرى !

واستبدلوها بمعلمتنا ( ف ) .. التي قامت بدورها بإخبارنا أن امتحاننا الأخير سيكون مسؤولية المعلمة ( ع ) ,,,





كانت أول توقعاتي هي: أنها ستقوم بالانتقام منّا بوضع أسئلة صعبةٍ جدًا، أو أسئلة مشتتة ، ( وفي يوم الامتحان .. لم يخب ظني ! )

فبعد انتهائنا من ذلك الامتحان،أخذنا نتناقش كالعادة في حل الأسئلة ونتبادل الإجابات.

حيث كانت لكل واحدة منهن إجابة مختلفة، مما جعل زميلاتي هامدين وصامتين يفكرن فيما ستكون درجاتهن، فما كان مني إلا أن صعدت على كرسيّ قائلة:

" لقد فعلَتها !! لقد انتقمت منّا بتلك الأسئلة !!! ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه"

وأصبح الفصل يعج بالضحكات المختلفة، ولم أهتم بدرجتي في ذلك الاختبار.

ولكن اليوم، جاءت معلمتنا ( ف ) لتقول: " ثالث!! في هذا الأربعاء سوف يختبر جميع من بالفصل ثانيةً، جميع درجاتكم كانت صفرًا أو اثنين.

ولا أخفي عليكم أني ضحكت ضحكًا كثيرًا أتعب قلبي !! ولكن مع ذلك أحسست بفخر كبير جدًا، فقد أثبتنا من غير قصد للجميع بأنها معلمة فاشلة !!

وفي البيت، أعدت النظر فيما حصل، أيقنت أنّ الله لا يضيع حقّ أحد من الناس، ووجدت أنه لا يجب أن ييأس أحد من أن الله سوف ينتقم من الظالمين.

وقتها أحسست بعبراتي تنزلق على خديّ، فهذه ثمرة جهدي! لأني كنت إيجابية، وظللت أحاول مرة، وأفشل مرتين.

ولكن في الأخير.. لقد نجحت !! نعم نجحت.


Mariam Tunker
6 des 2009
بسم الله الرحمن الرحيم ...


سؤال يجول بخاطري منذ دخلت المدرسة ..
ماذا يستفيد الناس من هذه المرحلة ؟
ففي نظري أنا ،هي مجرد مرحلة صعبة، مُرّة ،ومؤلمة .

يجب عليّ أن أمرّ بها تبرئة للذمة ،ولأنني لا أستطيع دخول الجامعة من غير شهادات تلك المراحل التي لا أعترف بها!!.
قد يتخرج الواحد منّا من الثانوية ،ويبقى السؤال: هل هو متعلم بحق؟

في الحقيقة، أغلب خريجي الثانوية لا يُستحق أن يطلق عليهم لقب (متعلم) فالطالب لا يذاكر ولا يجتهد ليتعلم ، ولكن ليتخرج فقط ويخلص نفسه من تلك المرحلة الأليمة !!

فبمجرد نجاحنا أو بالأحرى "خلاصنا" من سنة دراسية، ننسى كل معلوماتها لأنها ببساطة قد انتهت.

يستحيل أن يكون هناك متخرج من ثانوية وهو مثقف!
فمناهج التعليم لدينا، لا تبني ثقافة إسلامية سليمة ولا بصورة عامة حتى.
والمفترض (على حسب علمي) أن تربي المدارس أجيالًا مسلمة!!
ولكن هل بعد التخرج تجدنا مسلمين ؟!
لا،والله لم نتخرج ونحن مسلمون بحق للأسف، بل نتخرج بكثير من الجهل .
المفترض أن المدرسة هي من تزرع (همّ فلسطين) في قلب كل طالب، (باعتباره مسلم)، فهل من طلبتنا من يتذكر فلسطين؟ أو يعلم أحداثا تجري بها ؟

في الواقع كل عام تقوم المدرسة بتخريج (جاهليها)، ثم يتراكضون حلفهم لمحاسبتهم -مثلا- على تقليد الغرب في اللبس وتسريحة الشعر!

إني لأعجب من أمرهم حقًا ..
عندما لم يعجبكم ما فعلوه خريجيكم، هل سألتم أو حتى فكرتم بأنها كانت غلطة تربوية جذرية؟
إن وظيفة المدارس " تربية وتعليم " لتنشئة أجيالٍ مسلمة، ومثقفة، وغيورةٍ على دينها، ومقتنعة بأحكامه!! وهذا أهم شيء.
لا أحد ينكر أن طلابنا اليوم غير عابئين لأحكام الدين..
ثم نلومهم لأنهم لم يقتنعوا بأحكام الدين تلك، لأن لكل منهم طريقة تفكيره.
والحقيقة أن متهجية التعليم هي الملامة الأولى هنا !!

هم الذين لم يدرسونا غير مذهب واحد، يستثنونه من بين جميع المذاهب، وكأنه الصحيح الوحيد، والباقي غير غير صحيح، ولا يؤخذ بأحكامه. وهذا هو الانطباع الذي يؤخذ عن بقية المذاهب.


سأحدثكم عن ما حدث معي في بداية داومنا بالمدرسة ..

كان أول يوم لي في السنة الثالثة المتوسطة. سُجّلت جداول الحصص ،واستُلِمت الكتب، وبقينا دون دروس، فاقترحت على بعض الزميلات أن نتناقش في موضوع القراءة (محاولةً مني في تحبيبهنّ بالقراءة) وبدأت حديثي عن الشيخ علي الطنطاوي، فقامت إحداهن بمقاطعتي متحمسة: "لقد قرأت كتابًا في الإجازة عن الحجاب للشيخ محمد العريفي يا مريم، وأعجبني كثيرًا، وقلت أني سأعطيكِ إياه لكي تقتنعي بوجوب تغطية المرأة لوجهها".
فحاولت أن أرد عليها بكل بشاشة لأستطيع شرح وجهة نظري، : صحيح ما قلتِ عن وجوب تغطية المرأة لوجهها، ولا أستطيع أن أخطئ ذلك، ولكن مع ذلك، فإنه صحيح أيضًا أنه يباح للمرأة كشف وجهها ولا يمكنكِ أن تخطئي ذلك، لماذا؟ لأن كل فتوى لعالمٍ مختلف، ولا يمكن أن نخطئ العلماء، فمن أفتى بالجواز كمن أفتى بالحرمة اجتهد في دراستها والبحث عن أدلةٍ لها ".
ففوجئت بردة فعل شنيعة منها، وبكل عصبية قالت: " لا،والله إنه لم يتعب !!"، فتحت فمي مصدومة من قوة كلماتها تلك، أقسم إني لم أدرِ ماذا أفعل، فهل أبكي؟ أم أضربها؟ أم ماذا؟.
فقلت لها وأثر الصدمة لا يزال على وجهي:" كيف تتجرئين على قول هذا الكلام على عالم مسلم يا مايا ؟"
فقالت :"نعم!! إنه لم يتعب، فقد قالها من عنده بدون أن يتعب أو يبحث أو ينظر في الأدلة القرآنية".
سمعت منها هذه الكلمات ، فقلت لنفسي:" هذه لها الله"، فاستمعت لها وأنا أومئ برأسي من غير أن أنصت حتى.

هذه طالبة من الصف الثالث المتوسط ، ليس لديها أدب الحوار،ولبست حتى
تحترم علماء الدين الموقربن.أفهذا ما تسعى المدارس أن تعلمه الطلبة؟
لكن مضى ذلك اليوم، وجاءت معلمة مادة التفصيل والخياطة في أول درس ..
قالت لنا:"من التي ترى أن هذه المادة لا تفيدنا في حياتنا؟"
أبدت بعض الفتيات رأيهن، فشاركت ودار بيننا هذا الحوار :
"من وجهة نظري أنا: لا أقول أنها غير مهمة في حياتنا،ولكن أقول أن طريقة تعلمها
مملة، وتجعلنا نريد أن نقدم جميع أعمالنا في وقتها المطلوب لنتخلص منها، وأيضًا لأننا لا نقوم بتثبيت طرق
عمل الغرز، وغيرها، فيجعلنا ذلك ننساها بسرعة، وبعد ذلك لا نعرف كيف نستفيد منها في حياتنا، فأنا لم أستفِد حتى الآن
من قدومي للمدرسة كل يوم، ما عدا أني بعد التخرج سأتمكن من دخول الجامعة"
ردت معلمتي :"طيب، تقولين أنكِ لم تستفيدي شيئًا من المدرسة، لكن هل كنتِ تستطيعين القراءة والكتابة قبل دخولك المدرسة؟"
قلت:" هذا شيء عادي في جميع مدارس العالم، وليس هذا قصدي أيضًا، لكن ما أقصده هو:
هل الذي يتخرج من المدرسة مثقف؟"
أردفت :" بالطبع لا، لأنه من المؤكد أنه لا بد من أن يلجأ إلى قراءة غير كتب المناهج ليصبح مثقفًا".
قلت:" نعم هذا صحيح، لكن لمَ لا تكون تلك الثقافة في مناهجنا هذه؟".
قالت:"هل أنتِ الآن معترضة على المناهج أم على المدرسة هذه بالذات؟".
قلت:"أنا معترضة على المناهج ذاتها، فأنا أحس أنها لا تفيدنا شيئًا أبدًا، بل و تدرسنا مذهبًا واحدًا للدين، وكأن
المذاهب الباقية كلها غير صحيحة، هذا ولكل منا طريقة تفكيره!!".
قالت:"لو وضعوا لكم جميع المذاهب الأربعة سيصبح المنهاج صعبًا جدًا عليكن".
قلت:"هذا الكلام هو السبب في تأخرنا، فنحن نستصعب كل شيء، وهذا تفكير سلبي، فلو كانت المدارس قد بذرت
فينا عدم استصعاب أي مادة من المواد، لما كان هذا هو الحال".
قالت:" ولكن التعليم الآن يتطور".
قلت:"نعم ولكن مع ذلك نحن جدُ متأخرين"، وانتهت المناقشة، فشكرتني، وأجلستني.
لا بد لأحدٍ أن ينظر في موضوع تعليمنا، فهذا التكاسل ليس من صالح الطلاب.
،

تساؤلات النقاش (التفكير):
أولًا: ما الذي يجب على وزارة التربية والتعليم فعله تجاه هذه المشكلة؟
ثانيًا: وإن لم تتغير المناهج، ما هو دور الأهل والطالب حينها؟


Mariam Tunker
16 oct 2009
بسم لله الرحمن الرحيم ..

في أثناء هذه الإجازة قمت بقراءة كتاب "ذكريات 1" للشيخ (علي الطنطاوي) –رحمه الله –



الناشر: دار المنارة "جدة".
الطبعة الثالثة 1422هـ - 2001م.

وأيضًا ، قرأت نبذة عنه في هذا الموقع :
http://www.geocities.com/safahat_chamiyeh/personalities/ali-altentawi.htm

الطبعة واضحة , غلافها ممتاز, اوراقها سميكة , باختصار .. طبعة جميلة جدًا .

راقتني فكرة الكتاب وهي تتحدث عن كيف نشأ وتعلم شيخ عظيم كالشيخ (علي الطنطاوي) –رحمه الله- .
أحسست حقًا من خلال قراءة هذا الكتاب كيف أن الناس كانوا يتعلمون بشغف تام حيث لم يكن هناك ما يلهيهم عن العلم ,فقد كان لا يشغل بالهم سوى العلم !! .

كان أسلوبه رحمة الله عليه رائعًا بحق !
فقد تمنيت لو كنت بدمشق , وزادني شوقًا لزيارة الجامع الأموي بدمشق, وتمنيت لو أني ولدت بذالك الزمان ..
نعم , فكل من يقرأ هذا الكتاب سيتمنى ذالك حتمًا .

قال في بداية الكتاب :
" النفس في تبدل مستمر كل يوم يموت فيَ شخص ، ويولد فيَ شخص جديد ،
والميت هو أنا ، ,والمولود أنا ، خلايا جسدي تتجدد كلها كل بضع سنوات حتى
لا يبقى منها شيء مما كان ، عواطف نفسي تتبدل ، فأحب اليوم ما كنت أكره
الأمس ، وأكره ما كنت أحب . أحكام عقلي تتغير فأصوب ما كنت أراه خطأً ،
وأخطَئ ما كنت أجده صوابًا " .

هذا تفسير قوله إن من تعود أن يكتب كل يوم في هذا الدفتر ، وجد يومًا نفسه التي فقدها .

رأيت كيف تأسس وتربى الشيخ (علي الطنطاوي) فكان من الذين جمعوا في الدراسة بين طريقي التلقي على المشايخ، والدراسة في المدارس النظامية، حيث كان يختلط بالشيوخ والعلماء كثيرًا ، حينها كان الأساتذة صارمين جدًا مع التلاميذ (مع أن والده كان مديرًا للمدرسة التجارية التي درس هو فيها ! )
وهذا ما يسميه بـ ( موضة المعلمين وقتها ) ، عجيبة حقًا نشأته ..
فمع أن والده كان معلمًا فاضلًا إلا أنه لم ينهل من علمه الكثير , بل أنه بعد وفاته اكتشف مسودةً عظيمة من كتابة والده كان قد أحصى فيها زيادات القاموس المحيط على لسان العرب ، فبلغت ألف مادة !! .

كان منعزلًا عن الناس لا يصاحب أحدًا ممن هم بسنه أوحتى بصفه ،كان حتى لا يخرج من بيته وإذا خرج فإنه يحضر مجالس علمٍ كانت تقام بالأموي ، لم تكن هناك ما نسمى بالإذاعة لذلك كان من شدة عزلته كان حتى لا يعلم حين تقوم المظاهرات ، فقد كان يذهب إلى صفه فلا يرى أحدًا غيره ، يدخل المعلم فينظر فيه نظرة يزدرؤه بها ، يحسبه جبانًا لأنه لم يخرج ليظاهر مع بقية الناس.

لم يكن عندهم حينئذ إلا داران للسينما الصامتة وصف من يدخلها بقوله :
" إنه لا يدخلها إلا من سفه نفسه " .
حتى إنه كان وقت فراغه يمد يده لمكتبة كانت في بيتهم فيأخذ منها ما تصل إليه يده ، لم يكن معه أحد يخبره عما يحتوي كل كتاب أو يساعده فيعطيه كتابًا يناسب سنه . كان يفتح الكتاب فإذا أعجبه قرأه وحتى لو لم يفهمه ، فيعلق بباله ، فلما يكبر يتذكرها ، فيفهمها ، وإن لك يعجبه أعاده حيث كان ، كان ما قرأه في طفولته مجموعة هائلة من الكتب يصعب على الواحد منا تصديق أن (طفلًا) قرأها ، فقد قرأ كتباً لم يكن لأحد أن يتخيلها ، فلم يكن له جليس يجالسه ولا صديق يؤنسه ، فكانت الكتب متعته الوحيدة .

دفعني ذلك دفعةً قوية وحفزني تحفيزًا شديدًا زود حبي للقراءة (فربما يمن الله علي فأصبح بمثل علمه ذات يوم ) .

تحدث الكتاب عن أهم منعطفات حياته :
فكان هناك مكتب عنبر ، والجامع الأموي ، ومجالس العلم في بيته بين والده وتلاميذه ، إضافة إلى وفاة والده مما كان له أشد التأثير عليه ،وأيضًا وفاة والدته ، وعودته للتدريس في المدارس الأهلية ، والأهم من ذلك كان: سفره إلى مصر .

وفيه اعترف الشيخ (علي الطنطاوي) بأته كان أخطأ خطأً فادحًا عندما لم يدون أحداث حياته في وقتها ، وفال أنه سيكون أفضل لو دونها حالًا قبل أن يفقد الذكريات ( القليلة ) التي يملكها .

في بداية تأليف الكتاب ، لم تكن فيه النية حتى لكتابة الذكريات القليلة التي لا زال يحتفظ بها ، ولكن بعد تشجيعه و مساعدته وتحفيزه ولا أقول (إرغامه) وافق أخيرًا على أن يقوم بذكرها وأن يكتبها له كاتب ، وبعد ذلك قام هو ليكتبها مؤيدًا فعله بقوله :
( إنه لا يحك جسمك مثل ظفرك).

تحدث عن تنقله من مدرسة لأخرى حيث كان لذلك أثرًا كبيرًا عليه .

تحدث أيضًا عن كيف أثر ذلك فيه فقد قابل علماء عدة منهم من كان له الأثر في نفسه ، وفي أسلوبه وهم كثيرون ، كان لهم الفضل – من بعد الله – وخاصة في مكتب عنبر ، قام علي الطنطاوي بالقاء عدة محاضرات حماسية ضد الحكم الفرنسي مما أدى لوقوعه بمشكلات كثيرة ، ولكنه مع ذلك لم يتوقف عن القاء تلك الخطب التي طبع منها الكثير ،
قال واصفًا نفسه وهو يخطب :
" كنت شابًا في زهرة الشباب حسن الوقفة ، جهير الصوت ، صحيح النطق ، ولولا الحياء لقلت إني ( جميل الصورة ) أيضًا !! "

لا أريد أن أثقل عليكم بذكر نفاصيل الكتاب .. ولكن أرجو أن أكون لخصته بالطريقة التي تناسب من يقرأه .. و أرجو المعذرة إن كان أسلوبي ركيكًا ، فهذه أول محاولةٍ لي في تلخيص كتاب .

وهذه نصيحة مني لحديثي العهد بالقراءة : أن يبدأو بقراءة كتب الشيخ علي الطنطاوي وكتابة ملخصات للكتب المقروءة .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


Mariam Tunker
14-8-2009