أعترف أنه لمقزّز أن تعيش ببيت واحد مع حيوان. 

ولكن الكحل في عينيه يستحقّ هذا العناء. 


أهدتنيه أختي الكبرى بعطفها الطوفانيّ. 

وهو جميل كعادة ذوقها الرفيع. 

كم تمنيت لو أنه يتحدث إليّ، وتحقق لي بعض هذا، فهو الآن يومئ ويشير ويتواصل معي بفعالية مذهلة. 


وكلما أرهقتني العناية به، يخال إليّ تخيلا ليس إلا، أني قد أفقده، وتغرورق عيناي بكاء نادما آسفا، وأصاب بالذعر. 


يثير إعجابي الشديد اعتزازه بنفسه، وغياب تردّده في الهجوم عليّ بمخالبه إن أثقلت عليه مزاحي أو تماديت وانتهكت راحته في مداعبة فروه كيفما لا يسمح. 


واليوم، اليوم بالتحديد.. 

أولاني هذا الحيوان المتعجرف بعضا من الاهتمام الذي هرئتُ اشتياقا إليه، وغرضه هو الحصول على أضعافه. وهذا ما يتكرّر كل سنة ضوئية. أن يكرمني باعتباري آمنة له. 


قفز إلى حجري وفاجأتني نعومة كفوفه، شعرت بالرحمة تتناثر عليّ لأنه على غير العادة لم يتسلّق جلدي بغرس مخالبه فيه كالعادة. 

استقرّ منبطحا بكل الثقة والضمانات المطلقة في الكوكب. 


صار يغدق عليّ بفضله ويُملي عليّ بل يرشدني إلى مناطق التدليك التي يحددها مزاجه المتقلب. 


أولا، وجنتاه المنتفختان شحما، ثم يرفع إليّ ذقنه لأحك أسفله، وأرتجل أنا بسذاجة العاشق المنبهر وأدلك أذناه.

وطوال هذه الجلسة النادرة أجده مغمضا عيناه مستغرقا في الاسترخاء متمتعا بالنعيم والخدمة المستحقة بلا عناء. 


يا لحظي السعيد. إنه راضٍ عني تماما. قد بلغتُ أقاصي السعادة بكرمه وموافقته السامية لي بتدليله. 


لقد حطمنا رقما قياسيا جديدا في طول مدة الاستجمام. إنها أكثر من ٥ دقائق. ويالها من دقائق غير معقولة الرفاهية من أيام عمري. 


ولم يتوقف، بل لا زال يأمرني لأقوم بالمسح عليه بحناني وحبي. وأنا بكل حمق أردد اسمه مرارا وتكرارا بلا كلل ولا ملل. أهدهده وأغنّجه. 


ها قد اكتسح شعره ملابسي. اندثرتُ أنا تحت شعره المتساقط المتطاير المتناثر، الذي انتهت رحلته إما بالالتصاق بي، أو بالانتشار في أنحاء المكان. 


يؤثّر فيّ هذا الحيوان. ألا يكفي أني ملكة التأثّر؟

هو يدرك كل الإدراك أنه أكبر نقطة ضعف لديّ. 

بكل هذا الصمت الأبكم والاحترام المفروض بمشيته الخيلاء. كل هذا هائل جدا. أنا لا أستطيع التنفس.. اء..اء.. أنا أختنق من شدة الهيام. هههههه


ولكني مسرورة جدا. 

مسرورة بأنه يستطيع أن يمشي مغرورا ومتشدّقا ومتغطرسا وفخور. 

يا لجماله عندنا يتثاءب وتنكشف أنيابه التي تفزعني حين أتذكر أنه وحش مفترس. 

عيناه تمتلكان قدرات محيّرة. تطرح فيّ تساؤلات متفرّقة. 

أهذا حزن؟ أم إجرام؟


أشعر أنا بالاطمئنان الدافئ يضم روحي عندما آراه يأكل ثم يقضي حاجته. بكل صحة وعافية وقوة. 


ابني. أنا الثلاثينية بيأس وأسى. التي اتخذت حيوانًا أنيسا، في مقايضة مع الكرامة والنظافة والأثاث السليم. 













Comments (2)

On 14 أكتوبر 2024 في 9:14 ص , غير معرف يقول...

علاقة جميلة … الله يسامح اللي يهددها

 
On 14 أكتوبر 2024 في 3:27 م , غير معرف يقول...

شكرا 💖💖