أصبح لدي ألوان عديدة من طلاء الأظافر.

يداي أصبحتا ناعمتين حتى صار انفصال جلد إصبعي كاشفا عن لحمه سهلا جرّاء محاولة مضنية لفتح زجاجة طلاء أظافر عنيدة.

في كاحلي خلخال ذهبي تسبب في إصابات أخرى كذلك.

لا أحتمل ألم انتزاع شعرة متمردة على نظام سير حاجبي، وأعمد إلى قصها تهذيبا لها وتجنبا لأي إحساس بألم يُنقض راحتي المنبسطة إلى وقت لا أعلمه، بل أخشاه. وقت أريد أن يسبقه موتي

 أحببتُ المال.

المال جميلٌ وجالبٌ للسعادة.

لست واثقة مما إذا كان هذا رأيي الحقيقي أم أنه تبعية لصيحة نقض الحقائق.

كفاني زهوا برغد عيشي، سأعفيكم من هذا الهراء.



أجد أن السعادة ليست شعورا محددا، لا بد أنها غياب الشعوريبدو لي تفسيري التعيس هذا أكثر منطقية.

قد تكون هي حالة الامتنان أيضا. 

لكن لا، غياب الشعور هو أقوى إقناعا، أنا أصرّ على ذلك.


حالة الصفر؟ الحياد؟ التوازن؟ ربما.

أهي تدافع بين شعوريّ الراحة والسلبية غير محدث أي فرق لأنهما متساويان في القوة والعدد؟


أرى أن السعادة ليست وليدة الظروف، بل هي نتيجة جهد مبذول بإصرار وحكمة.

مستعدة أنا لنقض تعريف الحكمة بكل جرأة هاهنا، واستبداله بأنها القدرة على منع انسكاب الأفكار المتهور.

أفكار على شاكلة "هل أحب ذاتي أم أمقتها؟وأيضا "هل أنا سعيد؟".

الحكمة هي القدرة على اغتيال أفكار الذات الميّالة إلى ارتداء القلق والسوداوية.


لا أحبذ التفكير، أنا ثائرة على إيلاء أفكار الذات العشوائية أدنى اهتمام.



أودّ لو أقف خاطبة في البشرية من منبري العاجيّ أو الزجاجي، لا أهتم بنوعه، طالما أنه منبري وكفى.



سأقول بصوت جهور:


 "أنعم بتفكّر فضوليّ نهم إن تبعتموه نالكم سرور المعرفة وطمأنينتهاوبئس تساؤلات الخبث نفاثة النّكد.

غوصوا غرقا في روتين أعمال وترفيه يصرف أفكارا مشعوذة، وسأضمن لكم ما يعرف بـ(السعادة).

السعادة يا أعزائي تكمن في التغابي".



كم هو لذيذ الخداع وقذف الوعود في كل الوجوه.

أصرّت عليّ عجرفتي بعدم الاعتراف بكل هذا كغباء، واضطرتني لإحضار دلو عسل ملطّف

 





 "الرسالة الأولى: "الرسالة الأولى 

٩-١٠-٢٠١٦

رسالتي الأولى..
من الأعماق حيث أنا تائهة،
لم أعد أعرف لي مكانًا وتوجهًا،
كان انتقامًا، تحررا، أو شيئًا لا أدري له مسمًى بعد..


أبحث عن انتماء وإن كان كاذبًا مؤقتًا أصرخ فيه فرحة بحماس ما كاد يلمع حتى انطفأ.


لا أستطيع تقدير الأمور مقاديرها.. يُقال أن هذا النضج لا يأتي بمجرد استعجاله، بل إنه يُبنى ببطء لا يستطيع انتظارك الطويل ملاحظته..

يُقال أني فتاة جيدة، ويُقال أني لستُ كذلك..
وأنا هنا أصغي بإمعان واستعداد لتبنّي أي رأي يلقى على مسامعي..

كلهم صادقون، إلا أنا
لذا أضطر لسماعهم، طالما أني أبحث عن حل لمشاكلي التي تحول بيني وبين الوصول لذاتي..

أعرف ما أريد، ولكنّي أفتقر إلى معرفة نفسي والطريق الذي أستعين به للوصول إلى نقطة النهاية التي تبدو واضحة في آخر طريق لا تبدو بدايته..


أنا ضائعة حيرى
كل الضياع، كل الحيرة.

قطعتُ سبل الوصال بيني وبين ذاتي، فلم يعد هناك مجال للكلمات، نحن نبكي وحسب..
ليس بمقدورنا التعبير بما هو أكثر أو أقل، إننا نبكي لأننا لم نعد نفهم..

مؤلم هذا الضياع،
يُفسد عليّ كل مهامي اليومية التي أحاول جاهدة الالتزام بتطبيقها في مواعيدها..
ويعيد عليّ اختلاط أولوياتي ومبادئي وأفكاري،

قد لا تكون الوحدة هي مشكلتي، قد تكون هناك مشكلة أكبر أو ربما أكثر تفاهة، وكنت أنا كالعادة من أولاها اهتمامًا أكبر مما تستحق..

آسفة أني لم أستطع مصارحتكِ بحلول كانت قد وُجهتُ لها من قبل من أستشيرهم ممن يكبرونني عمرا،
حلول أثق بفعاليتها ولكني شعرت بالخجل، واستصغرتُ نفسي كثيرًا، فمنعني ذلك من مشاركتها معك..

لأن السؤال باقٍ كما التالي:
"ما الذي يجعل كلامهم صحيحًا؟ وكيف يمكنني الانقياد لنصائحهم لمجرد أني أصغرهم سنًا؟"

ويناقضه آخر:
"وكيف نكون نحن أحقّ منهم بأفكارنا وردودنا؟ كيف لنا أن نرى الحق والباطل؟ كيف نميز؟ متى سندرك ومتى نكون متأكدين من صواب أفكارنا نحن؟" 

أنا متعبة من كل شيء،
وأشعر بالخوف مما هو آت..
أنا لا أظن أني أستطيع الخوض في هذه الحياة أكثر من هذا..


أجهدتني وأضنتني.. بنت الكلب..!










الرسالة الثانية: "عنكِ أنتِ"

١٦-١٠-٢٠١٦

 



أريد أن أعرف تفاصيل حياتك، نشأتكِ ومراحل تطور فكرك ونضوجه..



أريد أن أسمع عن هذه التفاصيل التي يمرّ بها الآخرون في مراحل نموهم..



ما الذي يجعلك طبيعية؟



لم لستِ مثلي؟



أنا لا أزال في تلك المرحلة التي لا يكون فيها المرء ذكرًا أو أنثى..



أنا لا زلت طفلة، بغيضة مدللة عنيدة قاسية متفاجئة مندهشة، من كل ما هو بديهي ومعتاد،



لا تراعي الأدب، تهتم بنفسها فقط، تريد ما تريد، وتريده حالا!




أريد أن أعرف، هل تبكيكِ رفقة القهوة؟



هل تشهجين بالبكاء إن رأيتِ القمر؟ هل تعثرتِ وكدتِ أن تسقطي أرضًا من شدة الدهشة حين ترين النجوم كثيرة حولك؟



ألم تحسي يومًا أنهم يحدثوك؟ وهل تستشعرين أيًا من هذا حتى الآن؟



كيف بإمكانك التحكم بمشاعرك وكتمها بهذا الحزم؟



من أين لكِ كل هذا النضج والرصانة؟



هل يقشعرّ بدنك حين تخرج الأوراق ملونة من الطابعة الرقمية؟



هل شعرتِ يومًا أن الدمى تسهر بجانبك حتى تحميكِ؟



هل تتعلقين حبًا بكل من يظهر لك حنانًا وعطفًا؟



ما الذي يجعل كل إجاباتكِ لا؟



نعم أنا أستبق ردودك وتوقعاتي متسرّعة، هل أنت مثلي عديمة الصبر؟



هل تتذمرين من كل شيء لدى والدتك، ضاربة بكل جهودها لإسعادك، عرض الحائط؟



هل تتعمدين ارتكاب كل ما هو خاطئ، إن غضبتِ من نفسك بعد أن تتلقي انتقادا لا يماثل ما تتمنين سماعه؟



هل تأخذين هذا الدور السينمائي كطالبة منبوذة في المدرسة الثانوية، هل يبكيك أن تكون وحيدة كل يوم؟



هل تحتملين الصمت لنصف ساعة متواصلة في سيارة تركبينها وحيدة مع سائق غريب؟



كيف يمكنك ألا تخبري بكل ما هو قابع بصدرك؟ كيف بإمكانك الاختيار من بين هذا العدد المهول من الكلمات التي تتدافع متنافسة على الانفجار خارج هذه العتمة؟



هل تحاولين جاهدة لفت نظر أحد تحبينه إليكِ كما أفعل أنا؟



هل تبكيك نظرات المتعجرفين التي تخترقك بحرارة الاستحقار؟



هل تشعرين بالنقص أمام باقي الفتيات؟



هل تشعرين بأي فارق كبير يجعل تعايشكِ مع البشر مستحيلًا؟



هل تشعرين بتهديد وأنتِ تمشين وحيدة بين هذه المخلوقات؟



هل جربتِ أن يشعركِ الآخرون بغرابتك الشديدة التي تدعوهم لاستنكار وجودك واستحقاره؟



هل تعرضتِ للشتم للدرجة التي أيدتِ فيها كل كلمة نطق بها الشاتمون؟



أتصرخين ضحكا على كل ما هو تافه؟



أتبالغين في فرحكِ وحزنك؟



أتستشعرين الحياة في ما تحبين من الجمادات؟



أتحدثين نفسكِ احتقارا بصوت منخفض، في نفس الأثناء التي تتحدثين فيها مع معلم فاضل؟



أتُلبسين من حولكِ توقعاتك عنكِ وتتخيلينهم يسخرون منكِ بعد ابتعاد سمعك عن حديثهم؟



لا فرق، ولا أي فرق واحد يميزني عن شخصي وأنا بنت الخمس سنوات..



أشعر أن سنين عمري قد ضاعت سدى..



وأني أبدأ من جديد..



فاتني هذا التدرج في النضج، فاتتني مرحلة التحول من الطفولة إلى أي شيء آخر..



أنا هنا أتلقى دروسًا في التصرف بشكل جديد يلائم كوني فتاة..



كانت الأستاذة في المحاضرة تسمي حالة مرضية بـ "incompatible with life "



 وأنا في داخلي أشعر بأنها تناديني باسمي..



ماذا عنكِ؟



بماذا تشعرين حيال ذاتك؟ أوصفيها لي، كيف بدأت؟ كيف تكونت؟ أكاد أحد أن يقتلها قبل أن تنجو وتُكمل بهذه القوة؟



أحبك.










الرسالة الثالثة: "عندما أكون بينهم"


١٧-١٠-٢٠١٦




تصل مسمعي أحاديثهم رغمًا عنّي..
يبدأ التساؤل "ما هذه الاهتمامات التافـ..."
أقطعه باستعجال وخوف، وأتمتم:
"،"استغفر الله استغفر الله، لكل اهتماماته الاي تكونت بظروف معيشته وبيئته المحيطة

قد يتعقد حاجباي وأغمض عيناي: اللهم لا تكبّر، اللهم لا غرور، اللهم لا استحقار، اللهم لا دناءة أفكار وأخلاق"

لا أحد يعجبني، أحاول تقبل الجميع رغم صعوبة هذا الأمر، إلا أنهم يتجاوزون كل الحدود، فهم مستعدون دائما لفرض صدهم لك وإن كان مزاحًا يخفي كبير الاستهانة والحقد.


أحاول صرف نظري عن مجموعة الفتيات اللاتي يضحكن وهم يمعنّ النظر في شبّان الجامعة، أحاول مسح صورهم من ذاكرتي، وهن يبتسمن لهم تلك الابتسامات المقززة، التي توحي بثقتهن بقدراتهن على إغرائهم..


أحاولا ألا أنزعج وألا أسمعهن تعليقي على قلة التهذيب التي تدعو أغلبيتهن لوضع أرجلهن وأحذيتهن التي رطبتها قذارة الطين، على موضع جلوسي وغيري..


أدعو مشفقة أن أستحيل لإنسانة أكثر دناءة،
لا أريد أن أغدو مثلهنّ..


وأكثر أكثر ما يؤلمني، هو حين أرى من تتحدث بنفس أسلوبي الوقح، وأرى كم يكون مظهرها سيئًا وهي تتلفظ بذات ألفاظي وتتحرك بذات طريقتي المستهترة المستهينة بغيرها..

أهكذا أنا أبدو؟ 
أكنتُ بهذه الحقارة دون أن أنتبه لتصرفاتي؟

يا إلهي.. أنا لا شيء.