حذار أن تهون أنت في نظر نفسك..

أنت لست مسكين..


 في سيكولوجية السفاحين وقصص ولادة شخصياتهم المضطربة، كانوا فعلا ضحايا إمّا لأم خبيثة أو مجتمع مريض. لكنهم يتقاسمون ذات الخصلة، صدّقوا أنهم ضحايا وتشرّبت دماؤهم بالشفقة على أنفسهم فطغوا في جبروتهم كنتيجة، في محاولات شنيعة لاستردادهم بأيديهم لما هو أكثر من حقوقهم. هذه هي نقطة التحوّل من شخص بريء ومضطهد ومستضعف إلى مجرم خطير.

قد يكون هو ضحية ذاته الوحيدة أو قد يتمادى إلى جمع آخرين تحت قائمة ضحاياه.

هي لحظة لا تدوم لأكثر من ومضة، مشبعة بالتوهم أن ضعفه لا متناهي وأنه كان بلا حيلة ولا قوة ولا نصير، أنه كان وحيدا تماما في عتمة ليالٍ سوداء. 


إن أقنعت ابنًا أو ابنة أن والدِيهم يضطهدونهم ويحرمونهم من حقوقهم وحريتهم وعاين بعد ذلك مع كوب مشروب ساخن أنواع العقوق والتمرّد وتفكّك الأُسر.


لا أحد منّا ضعيف.

الكل قد شارك في دائرة ما من دوائر الظلم وإن كانت متناهية الصغر.

اكسر أنت دائرة الأذى..

أنت لست مسكينا وإنما أنت بالفعل سكّين يشقّ طريقه للأمام باندفاع، مؤذيا أحيانا لمن بطريقه.

كلنا ظُلّام ومظلومين في الوقت آنه.

تذكّر من ظلمت أنت لتعود إلى عقلك وتتذكر قوّتك.

نتفاوت في ظلمنا وانظلامنا لكن بني آدم ليس بضعيف.



في أخفّ حالات التوهّم بالضعف ماذا سيحصل؟ سوف تبكي بحرقة وأنت مشفق على نفسك، ولم كل هذه المبالغة؟


كلنا ضحايا بعضنا حقّا.

لكن التمسك بهذه الحقيقة هو أمر مُعيق بشكل يلتهم كل قدراتك ويُعلّها، ويهزم عزيمتك ويمزق إرادتك.

أن تشفق على نفسك من تحمّل المشاقّ والأسى هي نقطة الانحدار إلى هاوية تنفث ريح الانتقام.

وبعد أن ترى نفسك برداء المغلوب على أمره، ستُرجيك فكرة الضعف إلى أن تكمل دورانك في دوامة لوم من استغلّك و "أضاع سنين عمرك" بخداعك وأنك مسكييينٌ مسكين!

 

 لن تستطيع أن تنمو مستقيما إن علّقت عودك بما يشدّك للماضي والوراء.

 اطمئن.. تقبّل لعبتك بكل عقباتها، كل العقبات مسلية في الألعاب، إلا تلك التي تصنعها بحزنك على نفسك، فهذا كابوس يجب أن تنجو منه.