في ظل هذا البؤس، الذي لم تبدُ لي نهايته بعد، رغم وجودها الأكيد.
يتردد في ذهني صوت يخبرني بأن هذه الشدة، هي فرصتي الأكبر للنجاح،
أن السطوع في الظلمة الحالكة، هو الأكثر تألقًا.
وأن للعقبات فضل كبير في رفع مستوى الكفاح.
أن ضعفي الإنساني، يجعلني بحاجة دائمة، لما يستفزني، يعيد إلي صوابي ويوقظني بعد أن غفوت عن عيوبي، وبعد خمول جهدي ومثابرتي. 
يتطلب الأمر صبرًا طويلًا، عليّ إتقانه وإلا لن أبرح مكاني، ولن يكون للتطور حيز في حياتي.
لن يسهل الإيمان بوجود نهاية للمآسي، خاصة أثناء معايشتها، فقد أغوص في يأس يبني لي مراحل يأس أعمق.
كيف تجرأت على فقدان إحساسي بعدل الله؟
وأنا أعلم سبله في جعلي أقوى..
لست أفهم كيف لي أن أبتعد عنه الآن..
 بعد أن أسند لي ظهري واستمع إلى ما لا يُطاق من شكوات صارعها بكائي المزعج،
بعد أن خرجت من وحدتي بالتحدث إليه فقط.

تفهمت قدر رحمتك الواسعة، وشعرت بحبك يلمّ أشلائي.
ومع إدراكي لكل ذلك، تنكسني بشريّتي بتناقضها المعتاد، ويزيدني انتكاسة، كل ما رُسّخ في ذهني من جهلٍ ملبّس بثوب العلم.

تلك العقبات تمهد طريقا واسعا لأفكار سوداء، 
أرحب بها بحرارة لتقلب أفكاري.

فتتحوّر مناجاة الرب، وأقول:
"أعلم أنني أخيبك كثيرًا
وسأرجو منك ما يحطّ من قدري أكثر.
أنا يا ربّ لم أعد أريد الابتعاد أكثر،
ولا أظن أنني سأتمكن من مواجهة ما كتبت لي أن أواجه.
أرغب حقًا في الخلاص، وسيرضيني أقل ما ستعطيني من رضاك.
فخذني إليك رجاءً..
لا أجد فائدة في البقاء، طالما أني أزداد ضعفًا يومًا بعد آخر".

تستفزني هذه المراحل في حياتي.
أتذمر من أني استغرقت عدة أيام قابعة في مستنقعاتها، في حين كان من الممكن استغلال تلك الأيام في إيجاد الحلول والعمل بها.
أنكر فائدتها متجاهلة ضعفي الذي يعوزني لها.
ويتتابع ضخّ غطرستي.

إلى أن أتلقى ذلك الحضن الإلهي، 
باعثًا في روحي حياة جديدة.
أهذا هو الأمل؟
ذاك التعبير الذي لطالما غاظني ذكره،
لأن تفاهتي حالت بيني وبين استيعابي لمعناه، فدرجته تحت قائمة التعابير الغوغائية التافهة.

ما الأمل إلا حب الله لي.
وما حب الله لي، إلا الغنى عن كل ما ظننته موجد للسعادة، حيث وجدتها في طريق قصدته عن غير قصد، وصدقي يرافقني..

أيها الرب الرؤوف..
حضنك الدافئ وحبك الغامر،
يجعلانني أريد أن أستمر في خوض الحياة بكل قوة.
لا تتخل عني رجاء، 
فلولاك لكنت تخليت عن نفسي منذ أول حزن انتابني..

Comments (0)