أرتعد من فكرة لقائي بها، يحجبني عنها ضوء الشمس، هكذا أفضّل أن أعتقد. مما يثير الضحك الذي لا نكهة له، فتلك هي الحيلة الوحيدة التي تريحني نوعًا ما.
أحتاج لضوء الشمس كي أعيش، ولم أتعلم بعد من النباتات صمودها في الليل..

الكثير يخشون وحوشًا يتخيلونها، ولكنّي أخشى وحشًا يسكنني، ويختبئ بعيدًا في الصباح، ليستمتع بخداعي بعدم عودته.
لا أستطع تجنبه، حتى حين أغمض عيني، فظلّه يكسو أحلامي سوادًا مرعبًا إن حاولت تناسيه.

لم تفرض عليّ أي قيود، لم يتسبب أحد في صناعة هذا الوحش، هو سري الدفين الذي لم يسهل الحديث عنه بوضوح قطّ، وأنا التي لم أتقن التكتم عن مشاعري يومًا ولم أعتد الحفاظ على أسراري أبدا.
بات عجزي عن فهمه وحل لغزه، يبقيانه بمأمن يضمن له إقامة مديدة مريحة في داخلي، حيث ينشر عتمته بتجبر وتكبر..

تقبلتُ وجوده، حتى وجدتُ فيه شيء من الانتماء، فصرت أختبئ فيه حين يكسوني الجبن وأبرر لنفسي بأن لا ضير في هذا الهروب المريح إذا ما كان مؤقتا. لكن شيئا غاب عن إدراكي..
كانت نفسي تتحول..

في البدء ارتدتْ ملابس ثقيلة نُسجت بخليط رهيب من القلق والشعور بالعجز والحقد والانتقام واليأس.
تلبّستني هذه الملابس وأصبحتُ أعتاد ثقلها الذي بدأ يمتص روحي بخفة وبطء، إلى أن صرتُ أشعر بالنقص من غيرها..
توغّلتْ فيّ تلك الثياب وأصبحتْ مخيطة بلحمي، وصارت ذلك الجزء مني، الذي كنت أغذيه بتمسكي به، إلى أن كبر وطغى ظهوره علىّ.. صار ينافس وجودي، ويزداد قوةً باستسلامي.

"ماذا تريدين؟!" أصرخ بغير قصد أحيانا، رغم رغبتي الشديدة في التماسك والحفاظ على رباطة جأشي المزعومة..
كانت تعذبني ببطء، وتتشوق لسماع انتحابي المختنق، ولم أكن أنا لأسمح لنفسي بالاعتراف بالهزيمة التي حاولت نسيانها.

أحببتها رغم كرهها لي، راجية أن تعتبرها هدنة لأحظى ببعض السلام..
ويبدو لي الآن أن قلب تلك المعادلة، هو الحل الوحيد لإبطال هذه الشعوذة.. 
لكنني جبانة، أفضّل ترك المسألة للوقت، متظاهرة باقتناعي أنه كفيل بحل القضية..
بينما أنا في الحقيقة في انتظار دفعة أكبر.. 
دفعة كفيلة بأن تودي بحياتي..




Comments (0)