التَقطتْ هذه الصورة الرفيقة شهد حكيم، المقربة والعزيزة جدًا جدًا..
والتي أتممتُ قرائتي لهذه الرواية بحضورها الروحيّ معي، وبوعود على التوقف اليومي عند عدد صفحات معين.
شهد.. أنا أحبّك كثيرًا.
وأشكرك أجزل الشكر.. على هذه التجربة الفريدة..
وعلى كل الأشياء الكبيرة الأخرى..
شهد حكيم إنسانة رائعة..
لا، لن أبكي! أعماقي تبتسم بفضلك، ودموعي تتراجع احترامًا لرغبتك الصادقة في محوها..


...


عزيزي القارئ..
إذا كنت مهتمًا بقراءة هذه الرواية
فلتحذر الحرائق.. التي سأحدثها فيها.. بهذه السطور التالية... =))) 


ظلّ الريح - كارلوس زافون

أن تحاول أن تتخلص من وجودك لكنك لا تستطيع، فتتخلى عن أحلامك، أمانيك، هواياتك.. سعيًا لغواية الموت كي يباغتك أخيرًا.
تحاول جاهدًا.. حتى يهيم جسدك خاويًا يترنّح في الشوارع والطرقات، تهمّ بالتواري عن الأنظار، وتكتشف أن ليس لذلك داع فوجودك لم يعد يُلحظ.

أن تعيش يائسًا محطمًا، وغارقًا في حبّ وهم أحياك بإيمانك بوجوده..
هكذا تتحول إلى ظل.. أسود شاحب ومخيف!

لن يهمك سوى أن تكسح ما حولك بكل ما تحمله من ظلام كاحل السواد، تستسلم لجانبك المظلم فيحوز عليك كليًا.
أن يظل جسدك يعاندك ويلحّ عليك بالبقاء، لا جسدك يُقتل، ولا الحياة تقتلك.
أن تتمسك ببقايا ما لديك، بالانتقام المبالغ فيه لكل ما قد يؤذيه، تسبقه أنت بالانتقام خشية أن يغدو سقيمًا مثلك.
مستغنٍ أنت حتى عن ونيس لك في عزلة الظلام.

ثم ترى من يشبه ذاتك الحقيقية، ترى بصيص الأمل يلمح لك ببريق جذاب من على بعد قريب..
يشدك ويبهرك، فترخي كتفاك المثقلان بالحزن المستديم، تستسلم أخيرًا لإطلاق تنهيدة أصرّيت على عدم السماح لها بمواساتك..
يدبّ فيك الذعر حين تشعر بالحنين الذي يعيدك لعقلك ويعيد لقلبك نبضاته المستثارة ويشعل فيك حماسًا أخمدته يداك المقهورتان..

يشد حواسك استيقاظ رغبتك الشديدة بالاستمرار في الحياة. تعود لك المعاني الجميلة واضحة جليّة حتى في أسخف ما يمكن أن تقع عليه عيناك. ينحسر عن بصرك العمى الذي ادعيته وألِفته.
فتسلك نحو نفسك خطواتٍ تدفعك وتحملك بلا مشورتك لاسترجاعها ورؤيتك لها في تلك المرآة الصافية التي تتمثل في كائن هو نسخة من روحك المختنقة في أعماقك المتهالكة.
تعود قادرًا على أن تحبّ رغمًا عنك، تجد نفسك غريبةً وسط هذا الجمال، وتتمنى لو أنك تمنعها منه كعادتك..
فأنت لا تسمح لنفسك برفاهية إظهار مودتك الطاغية في هذه اللحظة.

..

هذا أنت يا خوليان.. الآن بتّ أفهمك بشكل أوضح، لسنا متشابهين كثيرا، هي أحوالنا فقط التي آلت إلى نفس المآل.
ولم تكن حقيقيًا لتراني وتتمكن من إنقاذي هذه المرة كما فعلت مع دانيال..
لكنني أشكرك من الأعماق.

----------------------------------------------------------------------------
*بعين المنطق وبتجرّد خفيف من طغيان وفيض المشاعر*

..

تجرّع الذعر الذي يحاول أبطال الرواية التعوّد عليه مستحيلٌ ومرهقٌ حتى التآكل الروحيّ. 
الموت في كل مكان، الموت قريبٌ جدًا لكنه دنيء وخسيس، يحوم حولهم بإغراءات لا تنقطع ولا يصلهم أبدًا، يستمتع بملاحقاتهم له وتقفيهم لآثاره القريبة جدًا والتي لا تُلمس مهما تماهت بمحسوسيتها.
 ينطرب الموت لتراجيهم المستميتة، فمن سيذكره من بعدهم إن هو أخذهم.

قلوبهم كالمقابر المعتمة، تختنق فيها المودة الحائرة، فتتعفن وتصدر منها روائح الحقد والانتقام والسقم الكريهة..
الهرب والجبن يتصدّران في مواجهات الذات، والقبوع في توابيت الكبرياء دائم..
الموت في الجو، في الجرائد والطرقات، وفي رائحة الطعام.. الموت لا يهبهم راحة التحول لأشباح..
الموت يمتصّ أحلامهم وإيمانهم، يحولهم إلى ظلال ليلهو بها كالدمى، ظلال تتحرك هائمة بلا وجهة، لتكمل سلسلة نشر الرعب والمقت والعذاب، والتي يستعملونها ليجبروا أحدًا على تخليصهم من أنفسهم.. "أنا دنيءٌ حقير.. هيا اقتلني". 
يقتنعون أخيرًا بأن الموت يكاد أن يكون حلمًا مستحيلًا، وتبدو الحياة وكأنها تمادت في عنادها فزادت في سنين أعمارهم. 
يخضعون لهذا الذلّ، وتصير الدناءة مقبولة في نظرهم. لا يبقى لهم ما يخسروه.

ينكبّون هم على التغذي بمرارة الانتظار، لا ينتبهون للوقت الذي تمدهم به الحياة ليتراجعوا ويستردوا أحلامهم التي نثرتها رياح الحرب. لكن ذلك ما لا يتسنى لكل أبطال الرواية أن يدركوه.
فرحل منهم من رحل وجروحه بعدُ لم تندمل!



..

خوليان رأى العنف منذ نعومة أظفاره واعتاد عليه بصره ولم يتشوه، لاقى النكران لأصله واحتقار وجوده فتجاهل كل ذلك واستمر بحياكة حكايات رواياته وتخيلاته..
خوليان تقبّل الذلّ وخضع للغربة واستسلم للانتظار.
تخلّت كل الحياة عنه، إلى أن تخلّى هو عن وجهه، أراد أن ينسى نفسه على الأقل إذ لم يستطع محوها، ثم فارق نقاوة روحه العذبة..

لكنه عاد وقاوم عناد الحياة بتخلصه من الأحقاد، وفتح ذراعيه للحب كي يتجلى في ثنايا أعماقه، فأزهر واخضر مجددًا.
تلك قصة خوليان..

فما الذي واجهته أنا كي أستسلم؟
لا شيء يُذكر.. إلا أن الجبن لذيذٌ جدًا..

بالذات مع الشابورة D; 
أمزح ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه.  





Comments (0)